رمضان أقبل يا أولي الألباب *** فاستقبلوه بعد طول غياب
عام مضى من عمرنا في غفلة *** فتنبّهوا فالعمر ظلّ سحاب
وتهيّؤوا لتصبّر ومشقّة *** فأجور من صبروا بغير حساب
الله يجزي الصائمين لأنهم *** من أجله سخروا بكلّ صعاب
لا يدخل الريّان إلا صائم *** أكرم بباب الصوم في الأبواب
ووقاهم المولى بحرّ نهارهم ***ريح السّموم وشرّ كلّ عذاب
وسقوا رحيق السّلسبيل مزاجه *** من زنجبيل فاق كلّ شراب
هذا جزاء الصائمين لربّهم *** سعدوا بخير كرامة وجناب
الصوم جنّة صائم من مأثم ***ينهى عن الفحشاء والأوشاب
الصوم تصفيد الغرائز جملة *** وتحرر من ربقة برقاب
ما صام من لم يرع حقّ مجاور *** وأخوّة وقرابة وصحاب
ما صام من أكل اللحوم بغيبة *** أو قال شرا أو سعى لخراب
ما صام من أدّى شهادة كاذب *** وأخلّ بالأخلاق والآداب
الصوم مدرسة التعفّف والتّقى *** وتقارب البعداء والأغراب
الصوم رابطة الإخاء قوية *** وحبال ودّ الأهل والأصحاب
الصوم درس في التساوي حافل *** بالجود والإيثار والتّرحاب
شهر العزيمة والتصبّر والإبا *** وصفاء روح واحتمال صعاب
كم من صيام ما جنى أصحابه *** غير الظّما والجوع والأتعاب
ما كلّ من ترك الطعام بصائم *** وكذاك تارك شهوة وشراب
الصوم أسمى غاية لم يرتق *** لعلاه مثل الرسل والأصحاب
صام النبيّ وصحبه فتبرّؤوا *** عن أن يشيبوا صومهم بالعاب
قوم هم الأملاك أو أشباهها *** تمشي وتأكل دثّرت بثياب
صقل الصيام نفوسهم وقلوبهم *** فغدوا حديث الدّهر والأحقاب
صاموا عن الدنيا وإغراءاتها*** صاموا عن الشّهوات والآراب
سار الغزاة إلى الأعادي صوّما *** فتحوا بشهر الصوم كلّ رحاب
ملكوا ولكن ما سهوا عن صومهم *** وقيامهم لتلاوة وكتاب
هم في الضّحى آساد هيجاء لهم *** قصف الرعود و بارقات حراب
لكنّهم عند الدّجى رهبانه *** يبكون ينتحبون في المحراب
أكرم بهم في الصائمين ومرحبا *** بقدوم شهر الصّيد و الأنجاب